كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



إما لأن لات تجر الأحيان كما أن لولا تجر الضمائر في قوله:
لَوْلاَكَ هَذَا العَامُ لَمْ أَحْجُج

أو لأن أوان شبه بإذ لأنه مقطوع عن الإِضافة إذ أصله أوان صلح، ثم حمل عليه {مَنَاصٍ} تنزيلًا لما أضيف إليه الظرف منزلته لما بينهما من الاتحاد، إذ أصله يحن مناصهم ثم بني الحين لإضافته إلى غير متمكن {وَّلاَتَ} بالكسر كجير، وتقف الكوفية عليها بالهاء كالأسماء والبصرية بالتاء كالأفعال. وقيل إن التاء مزيدة على حين لاتصالها به في الامام ولا يرد عليه أن خط المصحف خارج عن القياس إذ مثله لم يعهد فيه، والأصل اعتباره إلا فيما خصه الدليل ولقوله:
العَاطِفُونَ تَحِينَ لاَ مِنْ عَاطِف ** وَالُمْطعُمونَ زَمَانَ مَا مِنْ مُطْعمِ

والمناص المنجا من ناصه ينوصه إذا فاته.
{وَعَجِبُواْ أَن جَاءَهُم مٌّنذِرٌ مّنْهُمْ} بشر مثلهم أو أمي من عدادهم.
{وَقَالَ الكافرون} وضع فيه الظاهر موضع الضمير غضبًا عليهم وذمًا لهم، وإشعارًا بأن كفرهم جسرهم على هذا القول.
{هذا ساحر} فِيمَا يظهره معجزة.
{كَذَّابٌ} فيما يقوله على الله تعالى.
{أَجَعَلَ الآلهة إلها واحدا} بأن جعل الألوهية التي كانت لهم لواحد.
{إِنَّ هذا لَشَىْءٌ عُجَابٌ} بليغ في العجب فإنه خلاف ما أطبق عليه آباؤنا، وما نشاهده من أن الواحد لا يفي علمه وقدرته بالأشياء الكثيرة، وقرئ مشددًا وهو أبلغ ككرام وكرام. وروي أنه لما أسلم عمر رضي الله عنه شق ذلك على قريش، فأتوا أبا طالب وقالوا أنت شيخنا وكبيرنا، وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وإنا جئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك، فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كل الميل عليهم، فقال عليه الصلاة والسلام: ماذا يسألونني، فقالوا: ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك، فقال: «أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم أمعطي أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم»، فقالوا: نعم وعشرًا، فقال: «قولوا لا إله إلا الله» فقاموا وقالوا ذلك.
{وانطلق الملأ مِنْهُمْ} وانطلق أشراف قريش من مجلس أبي طالب بعدما بكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{أَنِ امشوا} قائلين بعضهم لبعض {امشوا}.
{اصبروا} واثبتوا.
{على ءَالِهَتِكُمْ} على عبادتها فلا ينفعكم مكالمته، و{أَنِ} هي المفسرة لأن الانطلاق عن مجلس التقاول يشعر بالقول. وقيل المراد بالانطلاق الاندفاع في القول، و{امشوا} من مشت المرأة إذا كثرت أولادها ومنه الماشية أي اجتمعوا، وقرئ بغير {أَنٍ} وقرئ {يمشون أن اصبروا}.
{إِنَّ هذا لَشَىْءٌ يُرَادُ} إن هذا الأمر لشيء من ريب الزمان يراد بنا فلا مرد له، أو أن هذا الذي يدعيه من التوحيد أو يقصده من الرئاسة، والترفع على العرب والعجم لشيء يتمنى أو يريده كل أحد، أو أن دينكم لشيء يطلب ليؤخذ منكم.
{مَّا سَمِعْنَا بهذا} بالذي يقوله.
{فِى الملة الآخرة} في الملة التي أدركنا عليها آباءنا، أو في ملة عيسى عليه الصلاة والسلام التي هي آخر الملل فإن النصارى يثلثون. ويجوز أن يكون حالًا من هذا أي ما سمعنا من أهل الكتاب ولا الكهان بالتوحيد كائنًا في الملة المترقبة.
{إِنْ هذا إِلاَّ اختلاق} كذب اختلقه.
{ءَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذكر مِن بَيْنِنَا} إنكار لاختصاصه بالوحي وهو مثلهم أو أدون منهم في الشرف والرئاسة كقولهم {لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ} وأمثال ذلك دليل على أن مبدأ تكذيبهم لم يكن إلا الحسد وقصور النظر على الحطام الدنيوي.
{بْل هُمْ فَي شَكّ مّن ذِكْرِي} من القرآن أو الوحي لميلهم إلى التقليد وإعراضهم عن الدليل، وليس في عقيدتهم ما يبتون به من قولهم {هذا ساحر كَذَّابٌ} {إِنْ هذا إِلاَّ اختلاق}.
{بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ} بل لم يذوقوا عذابي بعد فإذا ذاقوه زال شكهم، والمعنى أنهم لا يصدقون به حتى يمسهم العذاب فيلجئهم إلى تصديقه.
{أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبّكَ العزيز الوهاب} بل أعندهم خزائن رحمته وفي تصرفهم حتى يصيبوا بها من شاؤوا ويصرفوها عمن شاؤوا فيتخير للنبوة بعض صناديدهم، والمعنى أن النبوة عطية من الله يتفضل بها على من يشاء من عباده لا مانع له فإنه العزيز أي الغالب الذي لا يغلب، الوهاب الذي له أن يهب كل ما يشاء لمن يشاء، ثم رشح ذلك فقال: {أَمْ لَهُم مُّلْكُ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا} كأنه لما أنكر عليهم التصرف في نبوته بأن ليس عندهم خزائن رحمته التي لا نهاية لها، أردف ذلك بأنه ليس لهم مدخل في أمر هذا العالم الجسماني الذي هو جزء يسير من خزائنه فمن أين لهم أن يتصرفوا فيها.
{فَلْيَرْتَقُواْ في الأسباب} جواب شرط محذوف أي إن كان لهم ذلك فليصعدوا في المعارج التي يتوصل بها إلى العرش حتى يستووا عليه ويدبروا أمر العالم، فينزلوا الوحي إلى من يستصوبون. وهو غاية التهكم بهم، والسبب في الأصل هو الوصلة، وقيل المراد بالأسباب السموات لأنها أسباب الحوادث السفلية.
{جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الأحزاب} أي هم جند ما من الكفار المتحزبين على الرسل {مَهْزُومٌ} مكسور عما قريب فمن أين لهم التدابير الإِلهية والتصرف في الأمور الربانية، أو فلا تكترث بما يقولون و{مَا} مزيدة للتقليل كقولك أكلت شيئًا ما، وقيل للتعظيم على الهزء وهو لا يلائم ما بعده، وهنالك إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل هذا القول.
{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو الأوتاد} ذو الملك الثابت بالأوتاد كقوله:
وَلَقَدْ غَنوا فِيْهَا بِأَنْعَمِ عِيْشَةٍ ** فِي ظِلِّ ملكٍ ثَابِتِ الأَوْتَادِ

مأخوذ من ثبات البيت المطنب بأوتاده، أو ذو الجموع الكثيرة سموا بذلك لأن بعضهم يشد بعضًا كالوتد يشد البناء. وقيل نصب أربع سوار وكان يمد يدي المعذب ورجليه إليها ويضرب عليها أوتادًا ويتركه حتى يموت.
{وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وأصحاب لْئَيْكَةِ} وأصحاب الغيضة وهم قوم شعيب، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر {ليكة}.
{أُوْلَئِكَ الأحزاب} يعني المتحزبين على الرسل الذين جعل الجند المهزوم منهم.
{إِن كُلٌّ كَذَّبَ الرسل} بيان لما أسند إليهم من التكذيب على الإِبهام مشتمل على أنواع من التأكيد ليكون تسجيلًا على استحقاقهم للعذاب، ولذلك رتب عليه: {فَحَقَّ عِقَابِ} وهو إما مقابلة الجمع بالجمع أو جعل تكذيب الواحد منهم تكذيب جميعهم.
{وَمَا يَنظُرُ هَؤُلاءِ} وما ينتظر قومك أو الأحزاب فإنهم كالحضور لاستحضارهم بالذكر، أو حضورهم في علم الله تعالى: {إِلاَّ صَيْحَةً واحدة} هي النفخة الأولى.
{مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ} من توقف مقدار فواق وهو ما بين الحلبتين، أو رجوع وترداد فإنه فيه يرجع اللبن إلى الضرع، وقرأ حمزة والكسائي بالضم وهما لغتان.
{وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّلْ لَّنَا قِطَّنَا} قسطنا من العذاب الذي توعدنا به، أو الجنة التي تعدها للمؤمنين وهو من قطه إذا قطعه، وقيل لصحيفة الجائزة قط لأنها قطعة من القرطاس وقد فسر بها أي: عجل لنا صحيفة أعمالنا للنظر فيها.
{قَبْلَ يَوْمِ الحساب} استعجلوا ذلك استهزاء.
{اصبر على مَا يَقُولُونَ واذكر عَبْدَنَا داود} واذكر لهم قصته تعظيمًا للمعصية في أعينهم، فإنه مع علو شأنه واختصاصه بعظائم النعم والمكرمات لما أتى صغيرة نزل عن منزلته ووبخه الملائكة بالتمثيل والتعريض حتى تفطن فاستغفر ربه وأناب فما الظن بالكفرة وأهل الطغيان، أو تذكر قصته وصن نفسه أن تزل فيلقاك ما لقيه من المعاتبة على إهمال عنان نفسه أدنى إهمال.
{ذَا الأيد} ذا القوة يقال فلان أيد وذو أيد وآد وأياد بمعنى.
{إِنَّهُ أَوَّابٌ} رجاع إلى مرضاة الله تعالى، وهو تعليل ل {الأيد} ودليل على أن المراد به القوة في الدين، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا ويقوم نصف الليل.
{إِنَّا سَخَّرْنَا الجبال مَعَهُ يُسَبّحْنَ} قد مر تفسيره، و{يُسَبّحْنَ} حال وضع موضع مسبحان لاستحضار الحال الماضية والدلالة على تجدد التسبيح حالًا بعد حال.
{بالعشى والإشراق} ووقت الإِشراق وهو حين تشرق الشمس أي تضيء ويصفو شعاعها وهو وقت الضحى، وأما شروقها فطلوعها يقال شرقت الشمس ولما تشرق. وعن أم هانىء رضي الله تعالى عنها: أنه عليه الصلاة والسلام صلى صلاة الضحى وقال «هذه صلاة الإِشراق» وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ما عرفت صلاة الضحى إلا بهذه الآية.
{والطير مَحْشُورَةً} إليه من كل جانب، وإنما لم يراع المطابقة بين الحالين لأن الحشرجملة أدل على القدرة منه مدرجًا، وقرئ {والطير مَحْشُورَةً} بالمبتدأ والخبر.
{كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ} كل واحد من الجبال والطير لأجل تسبيحه رجاع إلى التسبيح، والفرق بينه وبين ما قبله أنه يدل على الموافقة في التسبيح وهذا على المداومة عليها، أو كل منهما ومن داود عليه الصلاة والسلام مرجع لله التسبيح.
{وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} وقويناه بالهيبة والنصرة وكثرة الجنود، وقرئ بالتشديد للمبالغة. قيل: إن رجلًا ادعى بقرة على آخر وعجز عن البيان، فأوحى إليه أن اقتل المدعى عليه فأعلمه فقال: صدقت إني قتلت أباه وأخذت البقرة فعظمت بذلك هيبته.
{وَءَاتيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} النبوة أو كمال العلم واتقان العمل.
{وَفَصْلَ الخطاب} وفصل الخصام بتمييز الحق عن الباطل، أو الكلام المخلص الذي ينبه المخاطب على المقصود من غير التباس يراعى فيه مظان الفصل والوصل والعطف والاستئناف، والإِضمار والحذف والتكرار ونحوها، وإنما سمي به أما بعد لأنه يفصل المقصود عما سبق مقدمة له من الحمد والصلاة، وقيل هو الخطاب القصد الذي ليس فيه اختصار محل ولا إشباع ممل كما جاء في وصف كلام الرسول عليه الصلاة والسلام «فصل لا نزر ولا هذر».
{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُا الخصم} استفهام معناه التعجيب والتشويق إلى استماعه، والخصم في الأصل مصدر ولذلك أطلق على الجمع.
{إِذْ تَسَوَّرُواْ المحراب} إذ تصعدوا سورة الغرفة، تفعل من السور كتسنم من السنام، وإذ متعلق بمحذوف أي نبأ تحاكم الخصم {إِذْ تَسَوَّرُواْ} أو بالنبأ على أن المراد به الواقع في عهد داود عليه الصلاة والسلام، وأن إسناد أتى إليه على حذف مضاف أي قصة نبأ الخصم لما فيه من معنى الفعل لا بأتى لأن إتيانه الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن حينئذ {وَإِذْ} الثانية في {إِذْ دَخَلُواْ على داود} بدل من الأولى أو ظرف ل {تَسَوَّرُواْ}.
{فَفَزِعَ مِنْهُمْ} نزلوا عليه من فوق في يوم الاحتجاب والحرس على الباب لا يتركون من يدخل عليه، فإنه عليه الصلاة والسلام كان جزأ زمانه: يومًا للعبادة، ويومًا للقضاء، ويومًا للوعظ، ويومًا للاشتغال بخاصته، فتسور عليه ملائكة على صورة الإِنسان في يوم الخلوة.
{قَالُواْ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ} نحن فوجان متخاصمان على تسمية مصاحب الخصم خصمًا.
{بغى بَعْضُنَا على بَعْضٍ} وهو على الفرض وقصد التعريض إن كانوا ملائكة وهو المشهور.
{فاحكم بَيْنَنَا بالحق وَلاَ تُشْطِطْ} ولا تجر في الحكومة، وقرئ {وَلاَ تُشْطِطْ} أي ولا تبعد عن الحق ولا تشطط ولا تشاط، والكل من معنى الشطط وهو من مجاوزة الحد.
{واهدنا إلى سَوَاء الصراط} أي إلى وسطه وهو العدل.
{إِنَّ هَذَا أَخِى} بالدين أو بالصحبة.
{لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِى نَعْجَةٌ واحدة} هي الأنثى من الضأن وقد يكنى بها عن المرأة، والكناية والتمثيل فيما يساق للتعريض أبلغ في المقصود، وقرئ {تِسْعٌ وَتِسْعُونَ} بفتح التاء ونعجة بكسر النون، وقرأ حفص بفتح ياء {لِى نَعْجَةً}.
{فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} ملكنيها وحقيقته اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي، وقيل اجعلها كفلي أي نصيبي.
{وَعَزَّنِى في الخطاب} وغلبني في مخاطبته إياي محاجة بأن جاء بحجاج لم أقدر على رده، أو في مغالبته إياي في الخطبة يقال: خطبت المرأة وخطبها هو فخاطبني خطابًا حيث زوجها دوني، وقرئ {وعازني} أي غالبني {وعزني} على تخفيف غريب.
{قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلى نِعَاجِهِ} جواب قسم محذوف قصد به المبالغة في إنكار فعل خليطه وتهجين طمعه ولعله قال ذلك بعد اعترافه، أو على تقدير صدق المدعي والسؤال مصدر مضاف إلى مفعوله وتعديته إلى مفعول آخر بإلى لتضمنه معنى الإِضافة.
{وَإِنَّ كَثِيرًا مّنَ الخلطاء} الشركاء الذين خلطوا أموالهم جمع خليط {لَيَبْغِى} ليتعدى.
{بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ} وقرئ بفتح الياء على تقدير النون الخفيفة وحذفها كقوله:
اضْرُبْ عَنْكَ الهُمُومِ ** طَارِقُهَا

وبحذف الياء اكتفاء بالكسرة.
{إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} أي وهم قليل، و{مَا} مزيدة للإبهام والتعجب من قلتهم.
{وَظَنَّ داود أَنَّمَا فتناه} ابتليناه بالذنب أو امتحناه بتلك الحكومة هل يتنبه بها.
{فاستغفر رَبَّهُ} لذنبه.
{وَخَرَّ رَاكِعًا} ساجدًّا على تسمية السجود ركوعًا لأنه مبدؤه، أو خر للسجود راكعًا أي مصليًا كأنه أحرم بركعتي الاستغفار.
{وَأَنَابَ} ورجع إلى الله بالتوبة، وأقصى ما في هذه القضية الإِشعار بأنه عليه الصلاة والسلام ود أن يكون له ما لغيره، وكان له أمثاله فنبهه الله بهذه القصة فاستغفر وأناب عنه. وما روي أن بصره وقع على امرأة فعشقها وسعى حتى تزوجها ولدت منه سليمان، إن صح فلعله خطب مخطوبته أو استنزله عن زوجته، وكان ذلك معتادًا فيما بينهم وقد واسى الأنصار المهاجرين بهذا المعنى. وما قيل إنه أرسل أوريا إلى الجهاد مرارًا وأمر أن يقدم حتى قتل فتزوجها هزء وافتراء، ولذلك قال علي رضي الله عنه: من حدث بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين. وقيل إن قومًا قصدوا أن يقتلوه فتسوروا المحراب ودخلوا عليه فوجدوا عنده أقوامًا فتصنعوا بهذا التحاكم فعلم غرضهم وأراد أن ينتقم منهم، فظن أن ذلك ابتلاء من الله له {فاستغفر رَبَّهُ} مما هم به {وَأَنَابَ}.
{فَغَفَرْنَا لَهُ ذلك} أي ما استغفر عنه.
{وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى} لقربة بعد المغفرة.